أنواع التنوين :
التنوين على أربعة أنواع هي : ـ
1 ـ تنوين التمكن ، أو الأمكنية .
2 ـ تنوين التنكير .
3 ـ تنوين التعويض .
4 ـ تنوين المقابلة .
أولا ـ تنوين الأمكنية :
هو التنوين الذي يلحق الاسم للدلالة
على شدة تمكنه في باب الاسمية ، أي أنه علامة يستدل بها على الاسم المتمكن أمكن ،
وهو الاسم المنصرف المعرب . نحو: رجل ، ومحمد ، وعليّ ، وسالم ، وخليل ، ويوم ،
ومدينة ، ومدرسة .
وهو الاسم المميز عن الاسم المتمكن غير
أمكن ، والمعروف بالاسم الممنوع من الصرف . نحو : أحمد ، وعثمان ، وعمر ، ومعديكرب
، وعائشة ، وبشار ، وصحراء ، وأجمل ، ومثنى ، وثلاث ، وأخر ، ومساجد ، وسجاجيد ...
إلخ .
أو عن الاسم غير
المتمكن ، وهو المبني من الأسماء ، كالضمائر ، وأسماء الإشارة ، والموصول ، والشرط
، والاستفهام ، وبعض الظروف ، والأعداد المركبة ، وغيرها ، والأسماء المختومة بـ "
ويه " ، مثل : سيبويه ، وخمارويه ، ونفطويه . فهي أسماء مبنية على الكسر ، إلا إذا
استعملتها لأشخاص غير معيّنين ، ولا يتميزون من غيرهم المشاركين لهم في الاسم جاز
لك تنوينها .
ثانيا ـ تنوين التنكير :
هو التنوين اللاحق لبعض الأسماء
المبنية للدلالة على تنكيرها ، بينما حذفه
يكون دليلا على أنها معرفة ، وذلك كما بينا
آنفا في مثل : سيبويه ، وخالويه ، ونفطويه .
فإذا أردنا بها معينا ، كانت مبنية على
الكسر ، كأن نجعل اسم " سيبويه " خاصا بالنحوي المشهور ، وكذلك " خالويه ونفطويه "
وهما اسمان لنحويين معروفين . أما إذا جعلنا الأسماء السابقة لأشخاص غير معينين ،
أو مميزين بأشخاصهم ، نوّنّا آخر الاسم . فنقول : سيبويهٍ ، وخالويهٍ ، ونفطويهٍ .
ثالثا ـ تنوين التعويض :
ويقال له أيضا تنوين العوض ، وهو
التنوين المعوض عن حرف محذوف من الكلمة ، أو عن كلمة محذوفة ، أو جملة محذوفة .
مثال تنوين العوض عن حرف محذوف قولك :
جوارٍ ، وسواقٍ ، وبواكٍ ، وقاض ، وداع ، وساع .
فالتنوين في الكلمات السابقة عوض من
الحرف المحذوف من أفعال تلك الكلمات ، عندما جمعت جمع تكسير ، فأصبحت ممنوعة من
الصرف ، علما بأن تلك الحروف المحذوفة أصلية في أفعالها ، بدليل عدم حذفها في
المشتقات المختلفة كاسم الفاعل ، والمفعول ، وغيرها من المشتقات .
فـ " جوار " فعلها : جرى ، واسم الفاعل :
جارٍ ، وجارية ٌ .
و " سواق " فعلها : سقى ، واسم الفاعل :
ساق ٍ ، وساقيةٌ .
و " بواك " فعلها : بكى ، واسم الفاعل :
باكٍ ، وباكيةٌ .
وكذلك الحال في الأسماء المنقوصة غير
الممنوعة من الصرف فالتنوين فيها عوض عن حرف الياء المحذوفة من آخر اسم الفاعل نحو
: قاض ، وداع ، وساع ، والياء في أفعالها أصلية أيضا بدليل ثبوتها في مؤنثاتها نحو
: قاضية ، وداعية ، وساعية .
وعليه فالتنوين في أواخر الكلمات
السابقة هو تعويض عن حرف الياء المحذوف من الأفعال الثلاثية لتلك الجموع ، وإذا
أعربنا مثل تلك الكلمات ، نقول في حالة الرفع : مرفوعة بالضمة على الياء المحذوفة
.
نحو : الفلك جوارٍ في البحر .
وقضى في الحكم قاضٍ عادلٌ .
ودعا لله داعٍ
وسعى ساعٍ بين المتخاصمين .
ومنه قوله تعالى : ( وجنى الجنتين دانٍ )1
.
ومنه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " .
وفي حالة الجر ، يجر بفتحة نيابة عن الكسرة
على الياء المحذوفة إذا كان ممنوعا من الصرف . نحو : تسقى الحدائق من سواقٍ كبيرة .
ــــــــ
1 ـ 54 الرحمن
.
ويجر بالكسرة على الياء المحذوفة إذا كان
مصروفا .
نحو : سلمت على قاض فاضل .
والتنوين في كلا الحالتين تعويض عن الياء
المحذوفة .
أما تنوين العوض عن كلمة محذوفة ، فيكون
بحذف المضاف إليه بعد كلمة " كل " ، و " بعض " . نحو : فاز الطلاب فصافحت كلاً منهم
مهنئا .
14 ـ ومنه قوله تعالى : { كل في فلك يسبحون
}1 .
وقوله تعالى : { كل يعمل على شاكلته }2 .
فقد نونت كل في الأمثلة السابقة تنوين عوض
لإضافتها إضافة معنوية ، وذلك بعد حذف المضاف إليه ، والتقدير : صافحت كل طالب .
" وكلهم " في الآية الأولى ، و " كل إنسان
" في الآية الثانية .
ومثال " بعض " : مررت ببعض قائما .
15 ـ ومنه قوله تعالى : { تلك الرسل فضلنا
بعضهم على بعض }3 .
ومنه قول المتنبي :
يصيب ببعضها أفواق بعض فلولا
الكسر لاتصلت قضيبا
فـ " بعض " في الأمثلة السابقة جاءت منونة
تنوين عوض لإضافتها المعنوية . فإذا انقطعت عن الإضافة اللفظية تنون ، ويقدر بعدها
ضمير يعرب مضافا إليه .
والتقدير : مررت ببعضهم . وكذا بقية
الشواهد .
أما تنوين العوض عن الجملة المحذوفة ، فهو
ما جاء للتعويض عن الجملة المحذوفة بعد " إذ " المضافة ، وتكون إضافتها بعد الكلمات
الآتية : بعد ، وحين ، ويوم ، وساعة ، وقبل ، وعند . نحو : خرج الطلاب وكنا قبل إذ
خرجوا مجتمعين .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 33 الأنبياء . 2 ـ 84 الإسراء
.
3 ـ 253 البقرة .
فإذا حذفنا الجملة بعد " إذ " نونت " إذ "
تنوين عوض بدلا من الجملة المحذوفة ، فتصبح بعد الحذف
كالتالي : خرج الطلاب وكنا قبلئذٍ مجتمعين
.
16 ـ ومنه قوله تعالى : { ويومئذ يفرح
المؤمنون }1 .
وقوله تعالى : { وأنتم حينئذ تنظرون }2 .
ففي الأمثلة السابقة حذفت الجملة المضافة
إلى " إذ " ، وعوض عنها التنوين .
والتقدير : يوم إذ كان ، وحين إذ كنتم .
ولكون ذال " إذ " ساكنة ، والتنوين أيضا
ساكن ، حركنا " الذال " بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين .
رابعا ـ تنوين المقابلة :
هو التنوين اللاحق لجمع المؤنث
السالم ، ليكون في مقابلة النون في جمع المذكر السالم .
وقد عرفه الرضي بقوله : " إنه قائم مقام
التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط ، وهو كونه علامة
لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك " 3 .
نحو : هؤلاء طالباتٌ مجتهداتٌ .
ورأيت طائراتٍ محلقاتٍ .
ومررت بحافلاتٍ للحجاج .
فكلمة : طالبات ، ومجتهدات ،
وطائرات ، ومحلقات ، وحافلات . كلمات جمعت جمع مؤنث سالما ،
ومفرداتها : طالبة ، ومجتهدة ، وطائرة ، ومحلقة ، وحافلة .
وهذه الأسماء المفردة قد لحقها التنوين
دلالة على تمام حروفها ، واسميتها ، فعندما جمعت جمع مؤنث
ــــــــــــــــ
1 ـ 4 الروم . 2 ـ 84 الواقعة .
3 ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني .
سالما زيد فيها التنوين ،
وهذا التنوين مقابل للنون في جمع المذكر السالم . فكلمة : طالب ، ومجتهد ، وطائر
... إلخ . إذا جمعناها جمع مذكر سالما . نقول :
طالبون ، ومجتهدون ، وطائرون . فلحقت هذه الجموع نون زائدة عوض عن التنوين
المحذوف في حالة الإفراد ، ليتم التعادل بين الجمعين ، ومن هنا جاءت تسمية هذا
النوع من التنوين بتنوين المقابلة .
ويرى بعض النحاة
أن النون في جمع المذكر السالم ، والتنوين في جمع المؤنث السالم لا سبب لوجودهما
إلا نطق العرب ، وكل تعليل سوى ذلك مرفوض ، ويستدل صاحب الرأي على ذلك بقوله " لو
صح أن النون في جمع المذكر السالم بدل التنوين في مفرده ، لكان من الغريب وجودها في
جمع المذكر السالم الذي لا تنوين في مفرده بسبب منعه من الصرف مثل : الأحمدون ،
والعمرون ،
والزيدون ، والأفضلون ، وأشباهها فإن
مفردها هو : أحمد ، وعمر ، ويزيد ، وأفضل ، لا يدخله التنوين لأنه ممنوع من الصرف .
وإلى جانب العلامات السابقة للدلالة
على اسمية الكلمة ، هناك علامات أخرى
لا تقل أهمية عن سابقتها في تمييز الاسم عن
الفعل ، أو الحرف ، وهذه العلامات تنحصر في التالي :
1 ـ أن تكون الكلمة معرفة بالإضافة . نحو :
قرأت قصص الصحابة .
17 ـ ومنه قوله تعالى : { ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء }1 .
وقوله تعالى : { تنزيل الكتاب من الله
الغزيز الحكيم }2 .
فالكلمات : قصص ، وفضل ، وتنزيل . كل منها
جاء مضافا لما بعده ، والاسم الذي بعده مضاف إليه . وبمجيء الكلمة مضافة نحكم عليها
بالاسمية .
2 ـ أن يكون لفظه موافقا للفظ اسم آخر لا
خلاف في اسميته .
ـــــــــــــ
1 ـ 4 الجمعة . 2 ـ 1 الزمر .
نحو : نزال . فإنه موافق في اللفظ لوزن "
حذام " وهو اسم امرأة لا خلاف فيه .
3 ـ أن يكون الاسم مجموعا . نحو : العلماء
ورثة الأنبياء .
ومنه قوله تعالى : { إنما يخشى الله من
عباده العلماء }1 .
فكلمة " العلماء " في المثالين جمع تكسير
لكلمة " عالم " ، ولا يجمع إلا الاسم ، فالفعل والحرف لا يجمعان من هنا نستدل على
اسمية الكلمة بجمعها على أي نوع من أنواع الجمع .
4 ـ أن يكون مصغرا . نحو : عامر بن الطفيل
أحد أجواد العرب .
وأبو عبيدة قائد مسلم مشهور . والحسن
والحسين ابنا علي بن أبي طالب .
فالطفيل ، وعبيدة ، والحسين كلمات مصغرة عن
الطفل ، وعبه ، والحسن . والتصغير ميزها بالاسمية عن الفعل والحرف ، حيث لا تصغير
فيهما .
5 ـ أن يبدل منه اسم صريح . نحو : كيف أخوك
؟ أمجتهد أم مقصر .
فكلمة " مجتهد " اسم واضح الاسمية ، وهو
بدل من كلمة " كيف " ، فدل على أن " كيف " اسم .
ــــــــــ
1 ـ 28 فاطر .