:
باب لا التي لنفي الجنس
لو أن أحدا لا قدر الله تعرض لمرض طفيف ، وطفنا نبحث عن طبيب ، وباءت محاولاتنا بالفشل ، يصيح أحدنا : لا طبيبَ في الجوار !!
على أي محمل نضع السياق ، بمعنى ، ما نتيجة الصياغة هنا ، ما الحكم النهائي ؟!
تقديرنا للمعنى يسعى وراء هذا الحكم : لا وجود لطبيب .. !
ولا احتمال لوجود طبيب آخر في الجوار .. أي أن جنس الأطباء مفقود في المنطقة التي نبحث فيها عن أحدهم .. ذلك ما نقتطفه من معان ..
وعليه فالحكم بالنفي ، هو حكم استغرق نفي جميع أفراد الجنس ، أي لا وجود لأي أحد من جنس الأطباء ..
تلك الـ"لا" هي موضوع درسنا اليوم ، وهي حرف ناسخ يعمل عمل إن ..
وعملها لا يتأتى على عواهنه ، إذ ثمة شروط لكي نعمل هذه اللاء عمل إن
لنتأمل معا السياق مجددا ..
لا طبيبَ في الجوار
أصله قبل دخول اللاء هو : طبيبٌ في الجوار ، أي طبيبٌ كائنٌ في الجوار
فالسياق مبتدأ وخبر .. ودخول لا النافية الناسخة عليه يفضي بنا إلى النتيجة السالفة وهي :
لا طبيبَ في الجوار .. أي لا طبيبَ كائنٌ في الجوار ِ
فطبيب
: اسم لا النافية العاملة عمل إن مبني على الفتح في محل نصب .. يستدرك
أحدكم بقوله ، ولم لا نقول منصوب على اعتبار أن "لا" تعمل عمل إنَّ ، وعمل
إنَّ نصب المبتدأ اسما لها ، ورفع الخبر خبرا لها !!
والجواب
أن اسم لا يكون مبنيا تارة ومعربا تارة أخرى ، وبناؤه وإعرابه يتوقف على
نوع اسمها فإن كان اسمها مفردا نكرة غير مضاف ولا شبيه بالمضاف أو جمع
تكسير أو جمع مؤنث سالما أو مثنى أو جمع مذكر سالما فإنه يبنى على ما ينصب
به ويكون في محل نصب
أما إن كان غير مفرد أي مضافا أو شبيها بالمضاف ، فإنه في هذه الحالة يعرب ويكون منصوبا ..
إذن من شروط "لا "
- أن يكون اسمها وخبرها نكرتين
- أن تكون مباشرة لمنصوبها ، أي لا يفصل بينها وبين اسمها فاصل
- أن لا ينتقض نفيها بإلا
- أن لا يدخل عليها جار
تلك
شروط عمل لا النافية للجنس ، فإن اختل شرط منها فلا تعمل عندئذ ، ويجب
تكرارها إذا كان اسمها معرفة أو فصل بينها وبين اسمها بفاصل نحو :
لا زيدٌ حاضر ، ولا محمودٌ
لا في السياق غير عاملة كون اسمها معرفة ، وقلنا أن من شروط عملها أن يكون اسمها وخبرها نكرتين ، وعليه نقول :
لا : نافية لا عمل لها / زيدٌ : مبتدأ مرفوع / حاضر : خبر مرفوع / الواو : عاطفة / لا : زائدة لتوكيد النفي / محمود : معطوف مرفوع
ونحو : لا في الدار رجلٌ ولا امرأة
نلاحظ
الفصل بين لا والاسم بالجار والمجرور ، وعليه فلا في السياق غير عاملة ،
والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف ، ورجل مبتدأ مؤخر
ولربما يتبادر إلى أحدكم الآتي : ماذا لو كانت "لا" عاملة عمل إن ، وتكررت في سياق نحو : لا رجلَ في البيت ولا امرأة !
نقول أنت بالخيار ، إن شئت أعملت وإن شئت أهملت ..
فتقول : لا رجلَ في البيتِ ولا امرأةَ / لا رجلٌ في البيت ولا امرأةٌ
تلك حالتان وبقي في الجعبة حالات ثلاث :
1- إعمال الأولى وإهمال الثانية : رجلَ في البيت ولا امرأةٌ
2- إهمال الأولى وإعمال الثانية : لا رجلٌ في البيت ولا امرأةَ
3- إعمال الأولى وإهمال الثانية مع نصبها عطفا على موضع لا الأولى
نحو : لا رجلَ في البيتِ ولا امرأةً
فائدة
كثير منا سمع مثل هذا التركيب : لا بأسَ أو لا عليك
فالسياق
الأصلي : لا بأسَ عليك : لا نافية للجنس ، بأس اسمها مبني على الفتح في
محل نصب ، عليك جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف ..
فنقول اختصارا : لا عليك بحذف اسمها أو لا بأس بحذف خبرها
وما ذلك إلا دليل على جواز حذف اسم لا أو حذف خبرها
:
: