مرحبا بكم أحبتي في ضفة دورة النحو ، وأرجو الله لكم النفع والتقدم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وبعد .. أول دروسنا هو ( باب أنواع الكلام ) ، وقد تعرض ابن آجروم رحمه الله إلى الكلام وتعريفه وقيوده
وانتقل بنا إلى أنواع الكلام وأقسامه ، فقال رحمه الله :
( اَلْكَلَامُ:هواَللَّفْظُ اَلْمُرَكَّبُ، اَلْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ،
وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ:اسم، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى.)
أول
القول هو الكلام ، والكلام هو ما يتكلم به متكلم ، ويسوقه خطابا ونقاشا
وحوارا .. والكلام ليس وقفا على النحويين أو البلاغيين أو اللغويين ، إنما
هو ظاهرة إنسانية ، فقديما قيل إن الإنسان هو الكائن المتكلم ..
بمعنى أنه كائن كلامي .. يعبر عن احتياجاته وأفعاله ورغباته بالكلام ..
والسؤال الآن : هل كل كلام يتحدث به الإنسان نستطيع أن نسميه كلاما ؟؟
إن كانت الإجابة بنعم ، فكيف يمكن أن نتفهم رغبات المجنون ، أو نتعامل مع حديث المخمور ، أو نتحسس ما يلثغبه الطفل إذ يلعب ويتشاقى ؟!!
وإن كانت الإجابة بلا ، فمعنى ذلك أن ثمة شروط ليكون الكلام كلاما ..
لقد حدد ابن آجروم قيودا للكلام ليكون كذلك ، فقال :
الكلام هو اللفظ ، المركب ، المفيد ، بالوضع
[size=21][size=21]اللفظ [/size][/size]
واللفظ
يخرج بعض الأطر التي تجيز لنا أن نسميها كلاما عند بعضهم ، فكل ما ليس
ملفوظا لا يسمى كلاما حتى وإن تم التواصل به كالإشارة المتمثلة في عالم
الصم والبكم ..وذلك اللفظ / الصوت يكون مركبا ، إذن من صفات اللفظ التركيب .التركيبأي ما
تركب من كلمتين أو أكثر على أن يكون إسناديا ، وإلا فكلام مركب نحو " عبد
الله " أو "حضرموت " لا يسمى كلاما لأنه فقد شرط الإسناد ، والإسناد هو
إسناد لفظ إلى لفظ ، أي إسناد كلمة إلى أخرى مثل اسم إلى اسم ، أو فعل إلى
اسم أو غير ذلك من أنواع الإسناد ..ثم تأتي مسألة الإفادة ، الإفادة إذن الكلام لا بد وأن يكون.مفيدا يحسن السكوت عليه . فلو قال قائل :العربة تقف عند ......! ، فإن قوله يخرج عن دائرة الإفادة .. فالمخاطب ينتظر المتكلم أن يتم كلامه ليتواصل معه فهما .. الوضع .والوضع
على جهتين : جهة الواضع / المتكلم ، وجهة وضع الكلام العربي ، فجهة الواضع
يعني أن يكون واضعه قاصدا إياه ، ونخرج عندها كلام السكران الذي يهذي ،
وكلام النائم الذي لا يعي ، إذن شرط القصد مفقود .. حتى أننا في حديثنا
الدارج نقول أنه لا يؤخذ بكلام السكران أو النائم . ولا ننسى أن النائم
مرفوع عنه القلم . وأما
جهة وضع الكلام العربي تخرج الكلام غير العربي منه ، فكلام العجم ليس
كلاما في اصطلاح النحويين ، حتى وإن كان لفظا مركبا مفيدا في سياقه ..
طيب ، عرفنا الكلام وقيوده ، فهل ثمة أقسام لهذا الكلام ؟؟
إن أي كلام نسمعه أو نقرأه في لغة كان لا بد وأن ينقسم إلى أقسام ..
وذلك يصدق على كلامنا العربي الذي نقوله أو نسمعه أو نقرؤه ، فإنه لا يخرج عن أقسام ثلاثة :فأوله ما يدل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن.. ونصطلح عليه بالاسم ..والثاني : يدل على معنى في نفسه مقترن بزمن من الأزمنة.. وذاك الفعل .والثالث لا يدل على معنى إلا من خلال ارتباطه بسياق مفيد ضمن كلاموهو الحرف .
وقد يسأل سائل : هل ثمة نص ورد فيه هذا التقسيم للكلام العربي ؟؟
الجواب
أنه لم يرد نص يبين لهم هذا التقسيم، وإنما جزموا به من خلال الاستقراء
والتتبع، فقد استقرؤوا كلام العرب؛ شعره ونثره، ووجدوا أنه لا يخلو بحال من
الأحوال عن هذه الثلاثة؛ إما أن يكون اسما، أو أن يكون فعلا، أو أن يكون
حرفا.
.